لمحة عن مراحل نشوء قبيلة هذيل و تطورها

Nice Topic 7 أغسطس، 2022
لمحة عن مراحل نشوء قبيلة هذيل و تطورها

لمحة عن مراحل نشوء قبيلة هذيل و تطورها

وفقاً لما ذكرته سابقا واستكمال لأصول الأراميين الثموديين العدنانيين نسل هود عليه السلام أود أن أشير إلى أن الثموديين حل بهم العذاب قبل آلاف السنين وبقي منهم شعوب تنوعت مخطوطاتهم الآرامية وهذا بحث للمؤرخ الأستاذ عمير اللحياني في أصول هذيل مع بعض الإضافات من بحوثي.

في هذا البحث المقصود هو قبيلة هذيل بوجه العموم ، ولا يمكن الجزم في لحيان لهذا الصواب هو هذيل بشكل عام ، و تحور هذيل في السلالة G ، جمعهم متواترين مع أبناء عمومتهم الإسماعيليين ، ولهذا هم صرحاء هذيل والمعنيين بهذا وهم المطارفة من هذيل، ومعهم مزينة وغيرهم من قبائل عدنان صرحاء.

سوف يكون بين أيديكم بحث أعده الباحث والمؤرخ الأستاذ “عميّر بن عويمر اللحياني” ونشره في كتابه ” لحيان عبر التاريخ “.

وللأمانة العلمية سأنقل لكم بعد هذا البحث رأي الباحث راشد الأحيوي في نقض القول بصلة لحيان بن هذيل بلحيان العلاثم ردّ الباحث المؤرخ عميّر بن عويمر اللحياني على رأي الباحث راشد الأحيوي .

في هذا الموضوع اردت أن أنقل لكم وجهت النظر في صلة الوصل بين لحيان العلا بلحيان هذيل، فلكل منهما أدلته.

ما قبل الميلاد

في عصر ما قبل الميلاد قامت للحيان هذيل دولة وحضارة في ديدان العلا شمال الحجاز، وكانت تسمى دولة لحيان وفي فترات مختلفة اتخذت من خريبة العلا عاصمة لها، وكانت لهم قوة ومنعة وقد ساهمت حضارتهم بقدر وافر في حركة الفنون والكتابة والتجارة والمعمار ولا تزال آثارها باقية هناك حتى اليوم.

ويمكننا تقسيم مملكة لحيان إلى ثلاث فترات

اولاً: مملكة ديدان اللحيانية

  • بعد أن استولى اللحيانيون على ديدان العلا من جالية التجار المعينين الساكنين بها أنشأوا لهم بها مملكة صغيرة ” مملكة مدينة ” لا تتعدى سيطرتها حدود تلك المدينة، وأسموها مملكة ديدان نسبة إلى تلك المدينة، مما جعل أكثر المؤرِّخين والباحثين يعتقدون خطأً أن مملكة ديدان غير مملكة لحيان لاختلاف الاسمين.
  • وقد بدأت مملكة ديدان في القرن السادس قبل الميلاد واستمرت حتى القرن الخامس قبل الميلاد على رأي “وليام البرايت” Albright.
  • أما كاسكل Caskel فيرى أنها قامت سنة 160 قبل الميلاد وانتهت سنة 115 قبل الميلاد.
  • يقول د.عبد الرحمن الأنصاري: أعتقد أن مملكة ديدان هي المرحلة الأولى لمملكة لحيان، ومن هنا يتضح أن الديدانين هم اللحيانيون .
  • كما انني لا أشك في إن هذه الفترة تعتبر فترة تأسيس لقيام مملكة لحيان الأولى ذات النفوذ الواسع، وحيث أنه لم تجرِ في المنطقة حفريات أثرية جادة تزودنا بتفاصيل أكثر عن هذه الفترة إلا ما قام به العالمان الفرنسيان “جوسن Jaussen و ” سافيناك Savignac” من دراسة لبعض نقوش المنطقة الظاهرة على سطح الأرض ثم تحليلها والتي لم تكشف لنا إلا عن اسمين فقط من ملوك هذه الفترة هما: الملك كبير إل بن متع إل الذي ذكره النقش ( JS 138 L )، والملك جشم بن شهر الذي ذكره النقش JS 349 L، والذي لا يتنافى كونهما ملكين ديدانين مع كونهما ملكين لحيانيين، لأن الديدانيين هم اللحيانيون كما رأينا.
  • ان المعلومات التي وصلتنا عن هـذه الفترة تعتبر ضئيلة جداً إذا ما قورنت بالمعلومات التي وصلتنا عن مملكة لحيان الأولى والثانية، لهذا فإننا سنكتفي بهذه المعلومات إلى أن تبدي لنا الأيام القادمة ما خفي علينا من تاريخ مملكة ديدان اللحيانية خاصة عند إجراء الحفريات الأثرية الجادة والمنتظر والقيام بها في المنطقة ثم توقف العمل بهذا المسمى.

مراحل مملكة لحيان

مملكة ديدان وبدأ العمل بالمسمى الجديد وهو مملكة لحيان وذلك بعد أن اتسعت الدولة وامتد نفوذها شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً

مملكة لحيان الأولى
  • تعتبر مملكة لحيان الأولى امتداد لمملكة ديدان اللحيانية وقد بدأت مملكة لحيان الأولى في القرن الخامس قبل الميلاد وانتهت في القرن الثالث قبل الميلاد على رأي وينت Winnett والبرايت Albright وفان دن براندن Van den Branden، أما كاسكل Caskel فيرى أنها بدأت سنة 115 قبل الميلاد وانتهت سنة 24 قبل الميلاد.
  • قد وثق ملوك هذه الفترة علاقاتهم التجارية مع الدول المجاورة كالأنباط والبطالمة ولكن هذه العلاقة كانت أكثر عمقاً مع البطالمة حكام مصر حيث كان اللحيانيون يصدرون لهم المواد العطرية والبهارات والخيول العربية الأصيلة عبر ميناء أمبليوني البطلمي المقام على السواحل اللحيانية باتفاق الدولتين، وكان ذلك عبر الميناء اللحياني لويكي كومي.
  • وبموجب هذه العلاقة والصداقة وقف اللحيانيون مع البطالمة في حروبهم ضد السلوقين والسبئيين أما علاقتهم مع الأنباط فلم تكن حسنة إذ كانت بينهم مناوشات خاصة بعد أن ضعف نفوذ البطالمة حلفاء اللحيانيين وانحسر نفوذهم فقد أخذ الأنباط يتطلعون إلى الاستيلاء على اللحيانيين والانتقام منهم لتحويلهم تجارة العطور والبهارات إلى مصر مباشرة دون المرور بعاصمتهم البتراء مما أثر على اقتصادهم فأصبحوا يتحرَشون باللحيانيين ويهاجمونهم وفي بادئ الأمر صمد اللحيانيون في وجه الأنباط وصدوا كثيراً من هجماتهم ولكن الأنباط تمكنوا فيما بعد من الاستيلاء على اللحيانيين والقضاء عليهم.

ومن ملوك هذه الفترة

  1. الملك هنأس بن شهر ذكره النقش الموسوم بهذا الرمز JS 53.
  2. والملك تخمي بن لذن الملقب باسم ذسفعن وذكره النقش الموسوم بالرمز M 8.
  3. والملك شمت جشم بن لذن ذكره النقش الموسوم بالرمز JS 85.
  4. والملك جلت قوس ذكره النقش الموسوم بالرمز JS 83.
  5. والملك منعي لذن بن هنأ ذكره النقش الموسوم بالرمز JS 82.
مملكة لحيان الثانية
  • أن الرومان هم الذين قضوا على الأنباط سنة 106 ميلادي وللموقف الودي الذي وقفه اللحيانيون مع الرومان أثناء حربهم مع الأنباط جعل الرومان يوقفون زحفهم عند مشارف الأرض اللحيانية ولم يستولوا عليها، إذْ كان وقوفهم على بُعد 10 كم من “ديدان ” العلا مملكة لحيان.
  • ويبدو أن هذا كان تقديراً من الرومان لموقف اللحيانيين الودي منهم، مما شجع اللحيانيون على الاستقلال بإدارة شؤنهم وإعادة بناء دولتهم من جديد، وقد كان هذا الاستقلال برئاسة الملك (هنأس بن تلمي) وهو من الأسرة الملكية السابقة التي كانت تحكمهم قبل استيلاء الأنباط عليهم.
  • وبهذا يكون اللحيانيون قد عادوا إلى الحكم مرة أخرى وأقاموا مملكتهم الثانية والتي بدأت سنة 106م واستمرت حتى سنة 150 ميلاد على رأي كاسكل.
  • ان ملوك هذه الفترة لم يكونوا على شاكلة ملوك الفترة الأولى من حيث القوة فقد تفشت السرقات في البلاد وكثرت حوادث القتل ولم يكن الحكم مستقراً حيث أصبح الحل والعقد في يد مجلس الشعب (هجبل) الذي استطاع أن يضيق على ملوك هذه الفترة وقد انتهت مملكة لحيان الثانية ولكن لا نعلم كيف انتهت ومن الذي قضى عليها وبعد انهيار دولتهم، حيث ذهب قسم منهم إلى الحيرة جنوب العراق والقسم الآخر عاد وسكن حول مكة وهم لا يزالون حولها حتى اليوم.
  • ان مكة هي موطنهم الأصلي قبل انتقالهم إلى العلا، فهم من بني هذيل سكان هذه الديار، وقد نزلوا بعد عودتهم من العلا في موطنهم السـابق في شمال مكة ولا زالوا معروفين في هذا الموقع حتى الآن، وتعرف ديارهم اليوم “باللحيانية”، وقد كانوا على خلاف مع النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة ولا شك أن اللحيانيين يعتبرون من الشعوب المتحضرة في ذلك الوقت إذا كانوا يتعاملون في بيعهم وشرائهم بالعملة وليس بالمقايضة حيث كانت لهم عملة تشبه عملة الإسكندرية ولا يكاد يفرق بين العملتين إلا بوجود اسم الملك اللحياني مكتوباً عليها بالخط المسند والذي أشتق منه الخط اللحياني فيما بعد.

ومن ملوك هذه الفترة

  1. الملك هنأس بن تلمي ذكره النقش الموسوم بالرمز (JS 45).
  2. الملك تلمي بن هنأس الملقب باسم “سموي” ذكره النقش الموسوم بالرمز ( JS 54 ).
  3. و الملك عبدن هنأس ذكره النقش الموسوم بالرمز (JS 72).
  4. والملك سلح ذكره النقش الموسوم بالرمز (JS 77).
  5. والملك فضج ذكره النقش الموسوم بالرمز (JS 63).
  6. الملك مسعود ذكره النقش الموسوم بالرمز (JS nad. 334).
  7. والملك شهر بن هنأس ذكره النقش الموسوم بالرمز (أبو الحسن 13).

اشهر مظاهر التحضر

  1. كانوا يمارسون العزف على الآلات الوترية كالسمسمية المعروفة اليوم فقد وجدت منقوشة على إحدى الواجهات الصخرية لجبل عكمة وبأشكال وأحجام مختلفة.
  2. معرفتهم لبعض المهن والحرف الدقيقة كالصياغة والتجارة والطبابة والنحت.
  3. أعطى المجتمع اللحياني حرية التملك للمرأة وقد ثبت هذا في نقوشهم كما أنهم كانوا ينحتون مقابرهم في جبال الخريبة بالعلا لدفن موتاهم فيها، وتتميز مقابرهم في العلا عن المقابر في مدائن صالح بأنها شبة مربعة الشكل لا تزيد فتحتها عن متر مربع واحد، وعمقها في داخل الصخر حوالي 2 متر، ومن أشهر مقابرهم “مقبرة الأسدين”.

ديانة المجتمع اللحياني

  • كانت ديانة المجتمع اللحياني في ذلك العصر الغابر ديانة وثنية شركيه تقوم على تعدد الآلهة ومن أهم آلهتهم في ذلك العصر الإله “ذو غابة” الذي يقع في وسط “الخريبة” عاصمة المملكة اللحيانية وقد كان له فناء واسعاً به حوض للماء يغتسل منه كل من يريد أداء عبادته لهذا المعبود.
  • كان اللحيانيون يتضرعون إليه بالدعاء وذبح النذر لكسب رضاه وتوسيع الرزق والتحصن من الأمراض وأن يحفظ لهم الحرث والنسل وقد كانوا يشدون الرحال إليه وفي أيام معلومة من شهر معلوم كما كانوا يقدمون له النذر والأضحيات فقد ذكرت نقوشهم كثيراً من هذه التقدمات وقد ورد اسمه في كثير من نقوشهم منها ( AS A 17 , 18 , 25 , 28 )

    كما انه لهم معبودات أخرى هناك مثل: الإله “ود”، والإله “سلمان”، والإله “بعل سمن”، والإله “عجلبون” وغيرهم كثير.

لغة المجتمع اللحياني

  • كانت لغتهم في ذلك العصر هي عربية شمالية وخطهم هو الخط اللحياني المشتق من الخط المسند الجنوبي.
  • قد كان عدد الحروف الهجائية عندهم 28حرفاً كما هي اليوم ويدل انتشار الكتابات اللحيانية بهذا الحجم الكبير في العلا وما حولها على وجود مدارس لتعليم القراءة والكتابة مما يؤكد إهتمامهم بالتعليم ونشره بين المواطنين.

الطرق الثلاث التي اعتمدها اللحيانيون في كتابتهم

  1. طريقة إبراز الحرف: وتتم هذه الطريقة بتفريغ ما حول الحرف وإبرازه، وعادة ما تكون الحروف المكتوبة بهذه الطريقة منسقة في أسطر متوازية أكثر من غيرها، وتوضع خطوط أفقية للفصل بين الأسطر، ووجد عدد منها داخل براويز.
  2. طريقة الحز: تتم هذه الطريقة بحز الأحرف على الصخرة بأداة حادة حيث تكون الأحرف فيها غائرة.
  3. طريقة النقر: تتم هذه الطريقة بنقر الأحرف على الصخر وعادة ما تكون الأحرف فيها سميكة والنقوش المكتوبة بهذه الطريقة عادة ما تكون مخربشات غير مكتملة وناقصة وتفتقد إلى الأسلوب الجيد في الكتابة.

ملاحظة: هناك تفصيلات أكثر ومعلومات أوفر أنظر ذلك في كتاب “لحيان عبر التاريخ”، كما ان هذه الطرق وهذه الحروف هي التي كتب بها اللحيانيون حضارتهم في ديدان العلا وآثار حضارتهم لا تزال باقية هناك حتى اليوم .

امتداد نفوذ مملكة لحيان

  • قبل أن نتعرف على امتداد نفوذ مملكة لحيان يجب أولاً أن نتعرف على موقع العلا الاستراتيجي.
  • تقع العلا التي قامت على أرضها مملكة لحيان القديمة، ” في شمال غرب الجزيرة العربية ” في وادي القرى جنوب حرَّة عويرض في وادي ضيِّق بين سلسلة من الجبال في الشرق والغرب وعلى خطي الطول 36، 37 وخطوط الـعــرض من 20 إلى 27 وعلى بُعْد 22 كم، جنوب مدائن صالح “الحجر”، كما تقع العلا على الطريق التجاري الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط والمار بغرب الجزيرة العربية، وتمتد العلا من السور الجنوبي المعروف اليوم في المنطقة بجدار السبعة، وحتى السور الواقع شـمال جبل عكمة، وهي محصورة بين الجبل الشرقي والجبل الغربي، ومما ساعد على هذا التحديد على انتشار الكتابات اللحيانية في هذه المنطقة وترتفع العلا 674 ميلادي فوق سطح البحر.
  • قد امتد نفوذ مملكة لحيان حتى وصل الحجر حسب ما تشير إليـه النقوش والمخربشات اللحيانية التي وُجِدَت في الحجر والتي تؤكد وجود لحياني فيها سـبق مجيء الأنباط،
  • قد أيد  الوجـود اللحياني في الحجر كل من “وينت” Winnett و” كاسكل ” Caskel و ” بلينـوس ” و ” موسـيل ” Musil كما وصل نفوذها إلى تيماء بدليل عثور الباحثين على قطعة كبيرة من تمثال آدمي ينسب إلى الفن اللحياني ما بين القرن 4 و 3 ق.م والتي وُجدت في قصر الأبلق بتيماء وكذلك ما ذَكَرَتْهُ الْمَسَـــلَّة الآرامية عن وجود الملك اللحياني بتيماء وقــد امتد نفوذها إلى مدينـة ” إسـتريانا ” التي ذكرها بطليموس في كتابه، وشملت أيضاً بلدة ” العُـذَيب ” الواقعـــة شمال العلا غرب سـكة حديد الحجاز ، وذلك لوجود 40 نقشــاً لحيانياً بها يحمل أحدها اســــم الملك اللحياني “سلح” الموسـوم AS A12 يقول الباحث حسين أبو الحسن إذا افترضنا أنَّ اسم المكان ” ذوعمن” الذي ذكره النقش اللحيــاني ” أبو الحســن 6 ” هو مدينـة عَمَّان عاصـــمة الأردن حالياً، والتي كانت تسمى “ربة عمون” فتكون سـيطرة اللحيانيين قد وصلت حتى مدينة عمان في الشمال.
  • قد كان خليج العقبة الحالي يُسَـمَّى “خليج لحيان ” نسبة لبني لحيان الذين كانوا يملكون جميع المنطقة المجاورة منذ القرن الخامس حتى القرن الثالث قبل الميلاد وهذا دليل آخر على امتداد نفوذها نحو الشمال.
  • قد تحدَّثت بعض النقوش اللحيانية والتي منها النقش ” أبو الحسن 10 ، 18 ، 27 ” عن أشخاص قاموا بتقديم زكواتهم للإله ” ذو غابة ” عن ممتلكاتهم التي تقع في جنوب العلا مما يدل على اتساع نفوذ اللحيانيين نحو الجنوب.
  • أما من ناحية الغرب فقد وصل نفوذهم إلى البحر الأحمر المتاخم لدولتهم وأنشـأوا لهم عليه ميناء بحري أسموه “لويكي كومي ” Leukekome وقد ظن بعض المؤرخين أن هذا الميناء نبطي، لكن “كاسكل” Caskel يرى أنه لحيانيٌ، استولى عليه الأنباط فيما بعد ويرى البعض أنَّ نفوذهم شمل نجداً ووصل إلى الأحساء شرقاً.
  • ويؤيد هذا الرأي وجود نقوش في شرق الجزيرة العربية أطلق عليها بعـض العلماء الأجانب نقوش إحسائية، ولكنها في الحقيقة نقوش لحيانية ويقول الدكتور عبد الرحمن الأنصاري على الباحثين والمؤرِخين والآثاريين أن يعيدوا النظر في تاريخ مملكة لحيان وحضارتها فالحضارة اللحيانية تسـتحق أنْ يبذل من أجلها الكثير وأن يتفرغ لها الباحثون وأن يُجند لها المنقبون.
  • فهي جذرٌ من جذور حضارة الجزيرة العربية أسهمت بقدر وافر في حركة الفنون والكتابة والتجارة والمعمار وقــد كانت “ديدان” عاصمة المملكة اللحيانية مـن أهم المحطات التجارية بين الشـمال والجنوب أمَّا في الوقت الحاضـر فقـد تحولت إلى أنقاض وخرائب لذلك يُعْرف موضعها اليوم بالخريبة.
  • تقع ديدان في الشمال وهي مدينة العلا الحالية حتى عهد قريب كنا لا نعرف الكثير عن مملكة لحيان، وكنا نأخذ معلوماتنا عن طريق دراستنا لنقوشها المحدودة التي نقلها لنا “جوسـن” Jaussen و “سـافيناك ” Savignec في مطلع القرن العشرين الميلادي، حتى بدأ النشاط الأثري في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من عشرين سنة فلفت نظري الوجود اللحياني خارج نطاق “ديدان” المدينة، فقد رأيت التماثيل اللحيانية الضخمة الحجم في الحفرية التي تسمى حفرية الصعيدي في تيماء، فعرفت أن لحيان كانت هنا، لأن التماثيل اللحيانية الضخمة لا يمكن أن توجد في مكان كهذا إلاَّ في إطار دور سياسي للحيان.
  • ثم يردد قائلاً: وتمرُّ الأيام والسنون وإذا بنا نجد وجوداً واضحاً وقوياً وفعالاً للحيان في قرية “الفاو”، فازداد يقيني بأنَّ لحيان لم تكن محصورة بين جبلي العلا وهكذا أصبح للحيان مدى واسع يتناسب مع مركزها الاستراتيجي كعنق زجاجة بين الجنوب والشمال تسكن “ديدان” العلا وتقودها قبيلة لحيان باختصار.

مقومات اقتصاد مملكة لحيان

يقوم اقتصاد مملكة لحيان القديمة على عدة مقومات وموارد تعتبر من الأهمية بمكان لإنعاش اقتصاد دولتهم، ومن هذه المقومات والموارد:

  1. الموقع: تعد “ديدان” العلا من أهم المحطّات التجارية على طريق القوافل مما جعل هذا الموقع يقوم بدور مهم في الحالة الاقتصادية للمجتمع اللحياني.

    كما تتميَّز العلا بقربها من ساحل البحر الأحمر فهي لا تبعد عنه أكثر من مسيرة خمسة أيام حيث يتوجه التجار إلى الموانئ القريبة لإجراء عمليات البيع والشراء مع التجار المصريين وغيرهم.

    تحتل ديدان العلا موقعاً استراتيجياً على الطريق التجاري القادم من جنوب الجزيرة العربية والمتجه إلى بلاد الشام وسواحل البحر الأبيض المتوسط شمالاً وإلى بلاد الرافدين في الشمال الشرقي.

    وربما كانت سيطرة اللحيانيين على خليج العقبة الذي كان معروفاً بخليج لحيان في ذلك الوقت راجعة إلى حاجتهم إلى تأمين تجار لأن البحار تعد من أهم المناطق التي تسعى الدول إلى فرض النفوذ والسيطرة عليها وهناك بعض الموارد الاقتصادية للمملكة اللحيانية.

  2. التجارة: من المعروف أن ديدان اللحيانية تقع على طريق تجاري مهم يصل بين الجنوب والشمال تنقل عبره البضائع المختلفة من بخور وعطور وبهارات وغيرها إلى بلاد الشام ومصر وسواحل البحر الأبيض المتوسط وإلى بلاد الرافدين، مما أكسب اللحيانيين مكانة رفيعة في عالم التجارة.

    كما ان مرور القوافل بديدان العلا أعطاها حركة تجارية نشطة، وتوفر المواد الغذائية بالمنطقة من حبوب وتمور وغيرها جعل أصحاب القوافل يتاجرون مع سكان هذه المدينة أثناء توقفهم بها مما جعل السكان يستفيدون من عائد الخدمات التي يقدِّمونها لتلك القوافل وأصحابها من طعامٍ وشراب وأعلاف لدوابهم،

    كما استفادت الحكومة اللحيانية أيضاً من المكوس والأعشار التي تأخذها من التجار المارين بأرضها مما أنعش اقتصاد الدولة وزاد في دخلها.

    المكوس: جمع مكس والمكس هو الضريبة التي يأخذها الماكس من بائعي السلع في الأسواق من التجار والماكس هو الجابي والجامع للمكوس أي الضرائب.

    والأعشار : جمع عشـر والعشر هو: واحد من عشـرة من الأموال، أي عشر ما يباع والعشار هو: الجابي للعشر والقابض له، يقول كاسكل: إنَّ اللحيانيين كانوا من أكثر الشـعوب تُجاراً فقد كانت تجارتهم في الدرجة الأولى مع مصر.

  3. الزراعة مما لا شك فيه أن الزراعة لا تقوم في مكان ما إلا إذا توفرت لها المياه سواءً كانت هذه المياه جوفية يتم استخراجها عن طريق حفر الآبار، أو بناء السدود التي تحجز خلفها مياه السيول والأمطار،

    وعلى هذا الأساس قامت الزراعة في مدن شمال الجزيرة العربية كديدان وما جاورها.

    ايضاً تشير النقوش اللحيانية التي وجدتْ في العلا عامة إلى وجود محاصيل زراعية أهمها ثمار النخيل كما ورد ذلك في النقش ويُعد التمر مصدراً رئيسياً في الغذاء للحاضرة والبادية لاحتوائه على أهم العناصر الغذائية وكذلك لسهولة تخزينه وقابليته للتخزين لمده طويلة،

    وكذلك لسهولة نقله من مكان إلى آخر وللنخيل فوائد كثيرة فمن سـعفه تصنع البسط ومن ليفه تصنع الحبال ومن جذوعه تسقف المنازل فالنخيل كله فوائد لذلك نرى اللحيانيين اهتموا بزراعته في ذلك الوقت،

    وللقيام بالأعمال الزراعية لابد من وجود بعض المعاملات التي لها صلة بالزراعة لم تتطرق لها النقوش اللحيانية.

  4. الرعي: يعتبر الرعي أحد روافد الاقتصاد في المجتمع اللحياني لتوفر مراعي لا بأس بها في منطقة العلا اللحيانية التي تنمو أعشابها في مواسم الأمطار،

    وحيث أن اللحيانيين يمتلكون كثيراً من النعم كالأغنام والأبقار والإبل، فإن وجود مثل هذه النعم خاصة الإبل في هذا المجتمع لها أهمية اقتصادية كبيرة،

    حيث أنها تمدَّهم بالحليب واللحوم، ويصنعون من أشعارها وأصوافها وأوبارها ما يحتاجونه من ملابس وبسط يفترشونها، والبدو منهم يصنعون منها بيوت الشعر التي يسكنون فيها، وكذلك يستخدمون بعرها في طهي الطعام والتدفئة وهذه صفات الثموديين ذُكرت هذه النعم كثيراً في نقوشهم مثل: النقش ” أبو الحسن 10 ، 74 ، 76 “.

    إضافة إلى ذلك تعد الإبل في ذلك الوقت هي الوسيلة الوحيدة والأساسية في المواصلات ونقل البضائع من مكان إلى آخر وكانت ثروة الرجل في الجزيرة العربية تقدر بعدد ما يملكه من إبل وقد وردت لفظة “رع” والتي تأتي بمعنى “الرعي” في النقش ” أبو الحسن 189 “،هذا دليل على وجود حرفة الرعي عند ذلك المجتمع.

    وبهذه المقومات من تجارة وزراعة ورعي ازدهر الاقتصاد اللحياني في ذلك الوقت.

عملة مملكة لحيان

  • من المعلوم أن كل دولة تَسُـك لها عملة ليتداولها مواطنوها أثناء معاملاتهم التجارية كالبيع والشراء ونحوها، ولا شك أن ملوك لحيان قد سكوا لهم عُمْلة على نمط عملة مدينة الإسكندرية ولا يكاد يفرق بين العملتين إلا بوجود اسم الملك اللحياني مكتوباً عليها بالخط المسند، والذي اشتق منه الخط اللحياني فيما بعد، وقد وجد الباحثون نقشاً لحيانياً يشير إلى ” أن رجلاً اشترى عشرة مناهل من المياه بسعر 40 سلعة وقد وسم هذا النقش بالرمز (JS 177L).
  • وهذا يدل على إنَّ اللحيانيين فعلاً كانوا يتعاملون في بيعهم وشرائهم بالعملة وليس بالمقايضة، وإن عُمْلتهم كانت شبيهة بالعُمْلة النبطية “سلعين” في بعض الأقوال وقد أشار الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري إلى انه تم العثور على قطعة عملة في العلا يرى إنها لحيانية وقد وجد نقش لحياني أيضاً من نقوش جبل عكمه وسم بالرمز ( أبو الحسن 128)، ذُكر فيه اسم العملة “سلع “، وهي نقود قدمها صاحب النقش زكاة عن نخلة.
  • كما عُثر في صنعاء على عملة بها بعض العلامات والحروف اللحيانية لا زالت تُمثل لغزاً للعلماء وهذا لانهم من الاراميين ويظهر لي أنها عملة لحيانية حملها أحد التجار أثناء متاجرته فسقطت منه أو سرقت، لذا أرى أن وجودها هناك لا يستغرب ويرى “تارن” أنَ العملة المعينية اللحيانية الموجودة الآن بجامعة “أبردين” في اسـكتلندا قد ضربت في العلا “مملكة لحيان” وإن قطعة العملة هذه تماثل العملة الإسكندرية التي تساوي أربعة دراهم.

حقيقة مملكة ديدان

لاشــك أنَّ وجود المعينيين في ” ديدان ” العلا كان سـابقاً لوجود اللحيانيين ، ولا شـــك أنَّ وجودهم فيها كان وجوداً تجارياً بحتاً كما عرفنا ذلك ســابقاً .

وحيث أنَّ اللحيانيين بعد نزوحهم من مكة إلى منطقـة العلا شمال الحجاز ســـكنوا على الساحل بالقرب من ” ديدان ” على رأي كاسكل . ( د/ جواد علي ،المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، ط1، ص 244 ، 1970 م ) وهو الأقرب للصواب ، وبعـد أنْ قَوِيَتْ شـوكتهم هناك طمعوا فيها واستولوا عليها من

جالية التجار المعينـيين ــ الساكنين بها ــ وأنشـأوا لهم بها مملكة صغيرة ” مملكة مدينة ” لا تتعدى ســــيطرتها حدود تلك المدينة ، وأســـــموها ” مملكة ديدان ” نسـبة إلى تلك المدينة مما جعل كثيراً من المؤرِّخين والباحثين يعتقدون خطأً أن هناك قبيلة تسمى قبيلة ديدان أنشـأت تلك المملكةوحيث إنه بعد البحث الدقيق لم نَجِدْ قبيلة عربية تُعْرف باسم ” قبيلة ديدان ” سكنت المنطقة في ذلك الوقت أو عَاصَرَتْه . وإن ما أعتقده أولئك الباحثين والمؤرِّخين عن وجود مثل هـذه القبيلة لا صحة له مطلقاً . وحيث أنَّ عرب ديدان المشتغلين بالتجارة والذين تحدَّثت عنهم التّوراة ونسبتهم إلى سلالة إبراهيم عليه السلام من زوجته قطورا ، وذكرهم كاسكل وظنّهم معينيون . ( د/ عبد الله نصيف ، العلا دراسة في التراث، ط1، ص 12، 1995م )

فإنني أرى أنَّ في هذا القول خلطٌ ولبسٌ وتحريف للأسباب التالية :

أولاً :

فما دام أنهم عربٌ فإنهم لا يُنسبون إلى أحدٍ من أبناء إبراهيم من زوجته قطورا ، لآنَّ العرب لا يُنسبون إلاَّ إلى يعرب و قحطان بن عابر وعندها يُطلق عليهم ” قحطانيون عرب “، فإذا نسبوا إلى عدنان بن أُدد عندها يُطلق عليهم ( اراميون ) ” عدنانيون ” والأراميون تعلم منهم يعرب اللغة.

ثانياً :

وما دام أنهم يُنسبون إلى سلالة إبراهيم ، فإنهم ليسوامعينيين ، كما ظنَّ ذلك كاسكللأنَّ المعينيين عربٌ كنعانيون E سلالتهم يُنسبون حلفاً إلى قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام فهم ليسوا من سلالة إبراهيم عليه السلام . لذلك أرى أنهم لحيانيون ،فاللحيانيون عربٌ يُنسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام ، فهم فعلاً من سلالة إبراهيم عليه السلام ، ولكن ليس من زوجته قطورا بل من زوجته هاجَر لهذا أرى بل أجزم أن عرب ديدان الذين ذكرتهم التوراة هم اللحيانيون وأن مملكة ديدان الصغيرة هـذه ما هي إلاّ البذرة الأولى لمملكة لحيان الكبيرة ذات النفوذ الواسـع .

يقول الدكتور عبد الرحمن الأنصاري : أعتقد أن مملكـة ديدان هي المرحلة الأولى لمملكة لحيان ومن هنا نستنتج أنَّ الديدانيين هم اللحيانيون الذين استمرّوا في حكم المنطقة حتى جاءت رغبتهم في نســـــبة هذه

المملكة إلى قبيلتهم فأسموها ” مملكة لحيان ” والتي علا شأنها واتَّسع ســــلطانها وقوي اقتصادها كما سنعرف ذلك لاحقاً .

ومن هنا يتَّضح أن مملكة ديدان هي مملكة لحيان ، وإن اعترض البعض على هذا وقال : كيف نفسِّـر إذاً اختلاف بعض الحروف التي كُتِبَت بِها النقوش في هـذه المنطقة ، فإننا نقول له : إن هـذا يُعتبر أمر طبيعي فهو تحوير وتطوير لتلك الحروف يحدث دائماً في معظم الحضارات .

تقول الباحثة الأُسـتاذة ” هتون الفاسي ” : إنَّ اختـلاف علماء اللغة حول الخطوط أو التفرقة بين الخط الديداني والخط اللحياني ، إنما هي اختلافات اساؤا تقديرها تاريخياً ، إذْ جعلوا من الفروق التي يَفْرِضها تَقَدُّم الزمان والتطوُّر الطبيعي لأَيِّ كتابة فروقاً سياسية وَعِرْقِيَّة الدور السياسي في (ديدان) : اختلف الباحثون والمؤرِّخون فيمن حكم ددان أولا هل هم الديدانيون كما أسـموهم أم المعينيون أم اللحيانيون ولكي نُفنِّد هذا الخلاف الظاهري نقول بعد الدراسات التي قام بها بعض الباحثـين لبعض نقوش المنطقة مؤخراً اتَّضح أن المعينيين لم يكن لهم أي دور سياسي فيها.

يقول الدكتور عبد الرحمن الأنصـاري : قد كان يُعْتقد أن للمعيـنيين دور سـياسـي في ” ددان ” العلا ، ولكن دراسـة علمية متأخرة للنقوش في المنطقـة أوضحت أن الوجود المعيـني في ددان لم يكن إلاّ وجوداً تجارياً ، حيث كانت جاليات معينية أخرى قد اسـتقرّت في أماكن أخرى متعددة ..

لم يكن لـهم فيها سـلطة سياسـية ، بل كان وجودهم وتجمّعـهم فيها تجارياً بحتاً تحت رئاسـة كبيراً لـهم يكون مسـئولاً أمام الحاكم في تلك المنطقـة عن سـلوك التجّار المعيـنيين وجبـاية الضرائب منـهم سـواء كان ذلك في ددان أو في غـيرها،ويقول فان دن براندنVan den Branden : لم تُظْـهر النقـوش التي وُجِدَت في منطقـة العـلا أي تلميح الى سـيطرة المعيـنيين السياسية على ” ددان ” العلا وإنما السيطرة السياسية كانت للحيانيين بينما اســتقر المعينيون في ددان العـلا كتجّار .

وكذلك ذكر وينت Winnett في فترة لا حقـة أن وجود المعيـنيين في ددان العـلا كان وجوداً تجارياً بحتاً وهذا دليل قاطع على أن المعينيين لم يحكموا ” ددان ” أبداً ، وإنما وجودهم فيها كان للتجارة فقطوهذا فيه ردٌ على من يرى أن مملكة لحيان انتهت على يد المعيـنيين وإن آثار المعينيين في المنطقة كالمقابر وبعض كتاباتهم القليلة لا تدل على دور سياسـي لهم . ويظهر أن المعينيين اندمجوا في اللحيانيين مع مرور الوقت فأصبحوا يُشْرفون على التجارة أمّا السيطرة السياسية فكانت للحيانيين لذلك نرى كثيراً من المؤرّخين حينما يتكلَّمون عن هذه الدولة يقولون : الدولة المعينيّة اللحيانية .

نسب قبيلة لحيان

  • اللحيان في اللغة: هو الوشل والصديع في الأرض يخر فيه الماء، وبه سميت بنو لحيان، أما قبيلة بني لحيان: فهي من القبائل العربية العريقة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، والمنتمية نسباً إلى هذيل إحدى القبائل العدنانية الشهيرة.
  • أكد النسابون هذا الانتماء النسبي وذكروهُ في مؤلفاتهم منذ القدم:

    يقول النسابة علي بن أحمد بن حزم صاحب كتاب “جمهرة أنسـاب العرب وصرحاء هذيل هم على السلالة G مع مزينة.

  • ويقول عمر رضا كحالة صاحب كتاب “معجم قبائل العرب القديمة والحديثة: لحيان بن هـذيل، بطن من هـذيل، من العدنانية وهم: بنو لحيان بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
  • كما يقول عاتق بن غيث البلادي صاحب كتاب “معجم قبائل الحجاز: لحيان بن هذيل :هم بنو لحيان بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
  • لكي تتضح لنا العلاقة بين لحيان العلا الغابرة ولحيان هذيل، لابد وأن نتعرف أولاً على لحيان العلا: بعد أن تبين لنا بطلان تلك الأقوال الخاطئة والروايات المتضاربة التي نسبت لحيان إلى غير هذيل والتي ذكرناها سابقاً في مبحث أقوال باطلة قيلت حول نسب لحيان، وكذلك بعد أن تبين لنا عدم وجود قبيلة أخرى تسمى لحيان سكنت العلا في ذلك الوقت وأقامت بها دولة غير قبيلة لحيان هذيل، يتأكد لنا دون أدنى شك أن لحيان لعلا الغابرة هم لحيان هذيل، استناداً إلى ما ذكره المؤرخون من أدلة واضحة وصريحة في هذا الشأن، وما وجدناه من دلالات وإشارات تؤيد تلك الأدلة وتسندها، وتتفق مع الواقع والمنطق.

تسلسل النسبي و الجيني G

  • يقول صاحب كتاب “معجم قبائل الحجاز”: لقد قامت للحيان هذيل دولة بشمال الحجاز، كانت تسمى دولة لحيان وعاصمتها ” الخريبة ” والتي دخلت في مدينة العلا حالياً، وكانت لهم قوة ومنعة.
  • يقول صاحب كتاب “معجم قبائل العرب القديمة والحديثة”: إن لحيان هذيل قامت لها دولة في شمال الحجاز قبل الإسلام.
  • هناك دلالة وإشارة تشير إلى هجرة بني لحيان إلى أطراف بلاد العرب، استنتجناها من أقوال المؤرخين الذين أرخوا لتلك الهجرات وهي ضمن قولهم: فلما تكاثر أبناء عدنان وضاقت بهم سبل العيش في مكة تفرقوا في أنحاء شتى من بلاد العرب متتبعين مواقع القطر ومنابت العشب إلى أن قالوا ولم يبقى منهم بمكة وضواحيها إلا بطون كنانة وبطون قريش.
  • فهل هناك دلالةٌ أوضح من هذه ؟ فلحيان ليست من بطون كنانة وليست من بطون قريش، فهي ليست من القبائل المستثناة من الهجرة كما نرى، وهذا فيه دلالة واضحة على هجرتهم ضمن القبائل المهاجرة، ويبدو أن هجرتهم كانت لوحدهم دون سائر بطون هذيل الأخرى فلا مانع من ذلك.
  • وقد كانت وجهتهم إلى العلا شمال الحجاز، ويؤيد هذا ويؤكده قول “كاسكل” سكن اللحيانيون على الساحل بالقرب من “ديدان”.
  • ولا شك أنه يقصد لحيان هذيل لأنه لا يوجد لحيان غيرهم في الأصل سكنوا العلا في ذلك الوقت، وهذا ما أيدته الأدلة الصريحة وهناك في “ديدان” العلا حالياً أسسوا لهم دولة وكونوا لهم حضارة، ويدل على ذلك آثار حضارتهم هناك التي لا تزال باقية حتى اليوم، لهذا كله نؤكد أن لحيان العلا الغابرة أصحاب الحضارة وذوي التاريخ العريق هم لحيان هذيل دون أدنى شك، وهم على السلالة G على التحور السابق z16670 مع مزينه.

علاقة لحيان العلا الغابرة بلحيان مكة اليوم

  • لا شك أن هناك علاقة اسمية ونسبية وثيقةٌ بين لحيان العلا الغابرة ولحيان مكة اليوم خاصة بعد أن ثبت لنا بالأدلة الصريحة التي ذكرناها في مبحث علاقة لحيان العلا الغابرة بلحيان هذيل والتي أكَّدَتْ أن لحيان العلا الغابرة هم لحيان هذيل بلا شك

    يقول الأستاذ/ أحمد عبد الله أحمد علي عبدالكريم صاحب كتاب ” هذه هي العلا بين الماضي والحاضر.

  • وبانتهاء دولة لحيان فإن اللحيانيين لم ينقرضوا، بل تذكر الكتب العربية وجودهم حول مكة، وهم لا يزالون حولها حتى اليوم.
  • بعــــد البحث والتحقق لم نجد حول مكة قبيلة لحيانية غير قبيلة لحيان بالعموم (هذيل) مكة اليوم، لهذا نؤكد أن لحيان مكة اليوم ما هم إلا امتداد للحيان العلا الغابرة “لحيان هذيل” لأنه لا يوجد حول مكة لحيان غيرهم، وهذا ما يؤكد لنا فعلاً انتمائهم إليهم وبالتالي يؤكد هذليتهم نسباً.
  • ومن هنا نقول: أن لحيان مكة اليوم هم من هذيل لحماً ودماً ويعلم الله أنني لم أقل هذا تعصباً ولكنها الحقيقة فقط، فجميع الأدلة والدلالات والإشارات التي وجدناها في كتب المؤرخين والنسابين والتي تتفق مع الواقع والمنطق والتي أوضحناها تؤكد أن لحيان العلا الغابرة هم لحيان هذيل وهم أصحاب الحضارة وذوي التاريخ العريق وهم لحيان مكة اليوم لا شك في ذلك ولا ريب.
  • والمقصود بهذا هو كل من ينتسب للسلاله الإراميه الإبراهيمية G من هذيل فهو صلب هذيل وصريحها، ويجمعهم الحمض مع مزينه وسليم والهواشم دون قبائل قحطانيه كغيرهم من سلالات.

نقض القول بصلة لحيان بن هذيل بلحيان العلا

القول بنسبة بني لحيان إلى عرب الجنوب قال:

وقيل إنهم من العرب الجنوبيين استنادًا إلى نقش وحيد نصه (أب يدع ذلحين) ومعناه: “أبيدع ذو لحيان”وهذا القول مردود أيضا لأن تفسير هذا النقش كما يراه المختصون يثبت أن رجلاً من لحيان عاش مع الجنوبيين

القول بنسبة بني لحيان إلى جرهم قال:

“وقيل إنهم من جرهم، وهذا القول مناف للحقيقة لأن لحيان بطن من هذيل وهذيل قبيلة مضرية عدنانية، أما جرهم فقبيلة يمانية قحطانية بما يسمونهم المستشرقين من العرب العاربة، وجرهم على السلالة J1 تحت التحور P-56 وهو سقف السلاله يدل انها جميعها قحطانيه قلت: ها هنا لا بد من بيان ما يلي: القول بنسبة لحيان إلى العرب الجنوبيين قيل عن الدولة اللحيانية وليس عن قبيلة لحيان الهذلية.

كما أن المؤرخين تكلموا عن نزوح بني عدنان إلى أطراف بلاد العرب، فقد قال الأستاذ محمد بيك الخضري: “فلمّا تكاثر أبناء عدنان وضاقت بهم سبل العيش في مكة تفرّقوا في أنحاء شتى من بلاد العرب، متتبعين مواقع القطر ومنابت العُشب، فمنهم من نزح إلى البحرين، ومنهم من نزح إلى حجر اليمامة.

ومنهم من سكن الطائف، ومنهم من نزح إلى جنوب العراق، ومنهم من استقر بهم المقام في تيماء ووادي القرى (الذي يعرف باليوم بالعلا) شمال الحجاز ولم يبق منهم في تهامة إلا بطون كنانة ولم يقم منهم بمكة وضواحيها إلا بطون قريش”، وهذه هي مواقع تواجد السلاله الإبراهيميه الإراميه G فهم ابناءهم.

أنه لا يصح الأخذ بالآراء المجردة، فلا بد من قرائن ودلالات لكي لا يحدث اللبس والخلط في الأنساب.

لو تم الأخذ بتوافق الأسماء في إثبات ونفي الأنساب بلا قرائن ودلالات لحصلت مشاكل لا حصر لها ومن ثم لنفيت أنساب قبائل إلى أصولها كنسبة معيني الشمال إلى معيني الجنوب، ولقلنا إنّ هذيل مصر والعراق ليسوا من هذيل الحجاز، فكل ذلك تشابه أسماء ليس إلا، فتحور هذيل يوجد من أبناءه في تيماء.

أنّ البلادي ذكر أنه قامت للحيان هذيل دولة في الشمال، أنّ الأستاذ عمر رضا كحالة ذكر أنّ الدولة اللحيانية هي للحيان هذيل ، و أنّ الأستاذ أحمد عبد الله أحمد علي عبد الكريم ذكر بأنّ اللحيانيين لم ينقرضوا بانتهاء الدولة اللحيانية بل ذكروا حول مكة والذين حول مكة هم لحيان هذيل.

من المعلوم المجمع عليه بلا خلاف بين علماء الأمّة أنّ نسب نبينا محمد عليه الصلاه والسلام كما يلي: محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وبنو لحيان هم بنو لحيان بن هذيل بن مدركة ومدركة هو الجد الذي يجمع بني لحيان مع النبي ص كما نص عليه أهل العلم بالنسب، فإذا ما علمنا أنّ مدركة هو الأب السادس عشر للنبي ص، وعلمنا أنّ النبي ص قد ولد عام 571م، وأردنا أن نعرف زمن وجود مدركة، وحسبنا المدة الزمنية بين كل أب وأبيه

ومن المعلوم أنّ اللحيانيين أصحاب الدولة اللحيانية في الشمال كانوا وثنيين ولهم آلهتهم التي يعبدونها من دون الله تعالى كما قاله الدارسون لهم والباحثون في نقوشهم وهو ما ذكره الكاتب الكريم الذي قال: “من خلال دراسة النقوش اللحيانية يتضح لنا أنّ المجتمع اللحياني مجتمع وثني كبقية معظم المجتمعات التي عاشت في الجزيرة العربية في تلك الفترة”.

وذكر أسماء عدد من هذه الآلهة قلت: كان بنو إسماعيل على دين أبيهم إسماعيل ص حتى ظهر فيهم عمرو بن لحي فجلب لهم الأصنام، وبدّل لهم الدين، فأصبح بنو إسماعيل يعبدون الأصنام من دون الله تعالى، ولم يكن هذا منذ عهد بعيد جدًّا من ظهور الإسلام،

وفيما يلي بيان ذلك:

روى البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي ص: “عمرو بن عامر بن لحي” الحديث(48). وروى بسنده عن أبي هريرة قال: قال النبي ص: “عمرو بن عامر بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة”(49). وقد روى ابن إسحاق بسنده عن أبي هريرة أنّ النبي ص قال في ذكر عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف:إنه كان أول من بدّل دين إسماعيل”(50). قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في ذكر إسناده: “إسناد حسن”(51)؛ وقال العيني : “سند صحيح”(52). قلت: يتضح من هذا أنّ عمرو بن عامر بن لحي وهو ربيعة كما نص عليه ابن حزم وهو لحي بن قمعة، وهو لقب عمير، كما نص عليه ابن الكلبي، وهو قمعة بن خندف.

وخندف هي أمّ بني إلياس بن مدركة وهم: مدركة وعامر وهو طابخة وعمير وهو قمعة يجتمع مع النبي صل الله عليه وسلم ومع لحيان في جدّهم مدركة، وهذا يعني أنّ عمرو بن عامر بن لحي بن قمعة بن خندف هو الابن الرابع من سلالة إلياس فجدّه قمعة هو عم هذيل وخزيمة وجدّه لحي هو ابن عم هذيل وخزيمة، وأبوه عامر هو ابن ابن عم لحيان وكنانة، وهذا يكشف لنا أنّ لحيان بن هذيل معاصر لأبي عمرو بن عامر بن لحي بن قمعة بن إلياس وهو عامر بن لحي بن قمعة بن خندف (إلياس) أي أنه أقدم عهداً من عمرو بن عامر بن لحي الذي كان أول من بدّل دين إسماعيل ونشر عبادة الأصنام؛ ومما يدل على تقدّم عهده عن عهد عمرو بن عامر بن لحي أنّ هذيلاً ..

كان أكبر أولاد مدركة؛ قال الصالحي في ذكر مدركة: “كنيته أبو هذيل ويقال له أبو خزيمة”(54). وقد كان القوم على الإسلام، دين أبيهم إسماعيل حتى غيّر دينهم عمرو بن عامر بن لحي قال الصالحي:روى ابن حبيب بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مات خزيمة على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

إن أصل لحيان الهذلية من لحيان العلا ذهب الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الطيّب الأنصاري إلى القول بأنّ قبيلة لحيان الهذلية قسم من اللحيانيين الذين كانت لهم دولة في شمالي الحجاز في العلا وقال في مقالة له بعنوان (لقاء مع بني لحيان) نشرها في جريدة “الجزيرة إنّ الاتفاق بين لحيان الشمالولحيان مكة ليس اتفاقًا في الاسم فقط ولكن هناك بعض الدلائل العلمية التي يمكن أن نهتدي بها توحي بوجود علاقة وطيدة بينهما تتمثل في ديانتهم قبل الإسلام ونسبهم حسب ما ورد في بعض المصادر وبعض أسماء أعلامهم قديماً وحديثاً.

بعض الملاحظات للقارئ الكريم

  1. الديانة: من المعروف أنّ اللحيانيين الذين كانوا يسكنون منطقة العلا خلال الفترة من القرن السادس ق.م إلى نهاية القرن الثاني ق.م أو بعده حسب رأي بعض المؤرخين كانوا وثنيين، ويتضح ذلك من خلال ما تركوه لنا من كتابات وتماثيل ومعابد في هذه المنطقة ويذكر أن بني لحيان في العصر الجاهلي (لحيان مكة) كانوا متعصبين لوثنيتهم أكثر من سائر هذيل، وكان منهم بنو لحيان سدنة معبود هذيل (سواع) في الجاهلية، وقد ورد ذكره ضمن المعبودات في النقوش اللحيانية التي اكتشفت مؤخرًا في منطقة العلا، وهذا المعبود له دور ديني واضح في الكتابات اللحيانية.وربما كان عمرو بن لحي الخزاعي الذي أتى بالأصنام من الشام وأدخلها إلى مكة كما يروي ابن الكلبي، خالط قبيلة لحيان خصوصًا إذا عرفنا أنّ اسم لحيان اشتق من (اللحي) كما ذكر ابن دريد في “الاشتقاق”، واسم لحي من الأسماء التي وردت في النقوش اللحيانية في العلا .

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لما كان بنو لحيان وحدهم متعصبين للوثنية أكثر من هذيل؟ ولما كان سدنة سواع، وهو المعبود الرئيس لهذيل من لحيان، وما هي العلاقة التي تجمع بين تعصب بني لحيان للوثنية في الجاهلية وبين عمرو بن لحي الخزاعي الذي أدخل الأصنام مكة ؟وقد استدل الأستاذ مساعد بن منشط الغريفي اللحياني بهذا القول بأنّ لحيان الهذلية من لحيان الشمال، فقال في ذكر الأدلة على ذلك أنّ منها: “تعصبهم لوثنيتهم أكثر من سائر هذيل، وقد كان منهم سدنة سواع معبود هذيل في الجاهلية، دليل على انتمائهم إلى عبادتهم السابقة وسدانتهم للمعابد والآلهة قلت: من يقرأ هذا يظن أنّ بقية هذيل كانوا أقل وثنية من بني لحيان، وهذا غير صحيح، فقد تصدّت هذيل مع قريش لجيش النبي ص عند فتح مكة فقتل منهم أربعة رجال وهذا يعني أنّ هذيلاً كقريش ظلوا على وثنيتهم حتى فتح مكة المكرمة قال ابن حجر: “أسلمت هذيل عند فتح مكة”(63)،ثم من الذي أخذ صنم سواعمن عمرو بن لحي ونصبه في رهاط؟ أليس هو الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وهو من القسم الآخر من هذيل؟ ولقد كان أعظم أصنام قريش العزّى، قال أبو المنذر ابن الكلبي: “كانت أعظم الأصنام عند قريش وكانوا يزورونها ويهدون لها، ويتقرّبون عندها بالذبائح”(64).وهذا الصنم ورد ذكره في بعض النقوش القديمة في بلاد اليمن وشمالي الجزيرة. قلت: فهل لورود اسم هذا الصنم في بعض النقوش أيّ دلالة ذات علاقة بنسب قريش؟ مع طرح ذات السؤال الذي طرحه الأنصاري لما كانت قريش وحدها متعصبة للوثنية أكثر من سائر العرب.

    وهل يعني هذا أنّ لها صلة نسب ما بمن ورد ذكر العزّى في أصنامهم ونقوشهم ؟

  2. النسب: وقال الدكتور الأنصاري: “ذكر الأزرقي أنّ هذيلاً من لحيان، وفي بعض سلاسل النسب يذكر أنّ هذيلاً فرع من لحيان كما في نسب سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي اللحياني، ويذكر بعض النسابة ومنهم ابن دريد أنّ لحيان من هذيل.وهنا نتساءل: هل قبيلة لحيان دخلت في حلف مع هذيل بعد نزوحها لفترة من الزمن إلى مكة لسبب من الأسباب؟ ربما كان سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو غير ذلك، ولهذا أصبحت لحيان تنسب إلى هذيل أم أنّ نسبة هذيل إلى لحيان سبق قلم كما يرى الأستاذ عاتق البلادي ؟ ولِمَ لا تكون هذيل ولحيان قبيلة واحدة أتت من الشمال فتغلّب أحد فرعي القبيلة على الآخر عندما نزحوا إلى مكة فمرة تظهر لحيان ومرة تظهر هذيل، واستطاع كلا الفرعين الاحتفاظ باسميهما حتى الوقت الحاضر.ولعلنا نتساءل أنه إذا كانت هذلية فمن أين نزحت هذيل إلى مرابعها المعروفة”(65). قلت: قال الأزرقي فيما رواه بسنده عن ابن إسحاق في ذكر خبر مسير تبع إلى البيت الحرام: “كان في أول زمان قريش قال: وكان سبب خروجه ومسيره إليه أنّ قومًا من هذيل من بني لحيان جاءوه فقالوا: إنّ بمكة”(66) والغريب أن يفهم الدكتور الفاضل من هذا أنّ هذيلاً من بني لحيان، والصحيح أنّ لهذا أصلاً عند العرب، وقد تكلم عنه علماء النسب وهو مشهور مذكور؛ قال القلقشندي: “إذا اشتمل النسب على طبقتين فأكثر كهاشم وقريش ومضر وعدنان جاز لمن في الدرجة الأخيرة من النسب أن ينتسب إلى الجميع.فيجوز لبني هاشم أن ينتسبوا إلى هاشم وإلى قريش وإلى مضر وإلى عدنان، فيقال في أحدهم: الهاشمي، ويقال فيه:القرشي والمضري والعدناني، بل لقد قال الجوهري: إنّ النسبة إلى الأعلى تغني عن النسبة إلى الأسفل، فإذا قلت في النسبة إلى كلب ابن وبرة: الكلبي استغنيت عن أن تنسبه إلى أيّ شيء من أصوله وذكر غيره أنه يجوز الجمع في النسب بين الطبقة العليا والطبقة السفلى.ثم يرى بعضهم تقديم العليا على السفلى مثل أن يقال في النسب إلى عثمان بن عفّان الأموي العثماني، وبعضهم يرى تقديم السفلى على العليا فيقال العثماني الأموي”(67).

ردّ الباحث والمؤرخ / الأستاذ عميّر بن عويمر اللحياني على رأي الباحث / راشد الأحيوي

  1. إن ما ذكرناه في كتابنا ” لحيان عَبْر التاريخ ” من أدلةٍ وقرائن عن نسبة الدولة اللحيانية إلى لحيان بن هذيل لم يكن إلاَّ بعد بحث ودراسة في كتب المؤرِّخين والآثاريين ولم يكن خبط عشواء.
  2. ما أوضحناه في كتابنا “لحيان عَبْر التاريخ” من أدلة كانت صريحة وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار وذلك مما أثبته المؤرِّخون ذوي الاختصاص في مؤلفاتهم، ولم نأت بشيءٍ من عند أنفسنا.
  3. أبطلنا جميع الأقوال التي نسبت قبيلة لحيان إلى غير هذيل وذكرنا سبب بطلان كل قولٍ منها، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا “لحيان عَبْر التاريخ ” وستثبت الأيام ذلك فلن يصح إلاّ الصحيح، واليوم أنا صاحب هذا الحساب احد أبناءالسلالة G، اثبت هذا بالعلم في ابراهيمية G وهذيل.
  4. وجود النقوش اللحيانية في ديار قبيلة بني لحيان اليوم من أهم القرائن التي تثبت العلاقة بين لحيان الدولة ولحيان القبيلة الهذلية، وهذا ما يأخذ به المختصون في علم الآثار يقول د/ عبد الرحمن الأنصاري وهو من أصحاب الاختصاص.
  5. من خلال جولة سريعة في جبل الدويدة بالقرب من قرية عين شمس “من ديار لحيان” عثرنا على عدد من النقوش العربية القديمة، تتفق في أشكالها وحروفها وطريقة كتابتها واللهجة التي كُتبت بها مع النقوش اللحيانية التي وُجدت في منطقة العلا، أمّا اللهجة فيتضح اتفاقها من خلال أحد النقوش الذي استخدم فيه حرف الهاء للتعريف.

    وهي الصيغة المستخدمة في النقوش اللحيانية في العلا، فوجود هذه النقوش في المناطق التي تسكنها لحيان مكة اليوم دليل على وجود لحياني قديم في تلك المنطقة أليس هذا دليل واضح.

  6. من أكثر الأشياء المتعارف عليها بين القبائل وسم الدواب ومن المعلوم أن وسم قبيلة لحيان هو (181) وقد وُجد هذا الوسم منقوشاً في شمال المملكة العربية السعودية، ووُجد منقوشاً على إحدى الصخور في قرية عين شمس من ديار بني لحيان اليوم أليست هذه قرينة أيضاً .
  7. لا أعتقد أن كل من نسب دولة لحيان إلى قبيلة لحيان هذيل من المؤرِّخين والآثاريين إلاّ وقد قام بدراسة مستفيضة وتقصِّي للحقائق .
  8. هناك أقوال كثيرة تكلمت عن تفرُّق أبناء عدنان، وقد اعتمدنا على أحدها وهو ما أورده المرحوم الشيخ / محمد بك الخضري نقلاً عن المؤرخ / محمد بن سليمان بن سلمان المنصور فوري.
  9. أعتقد أن الحساب الزمني الذي ذكره الأخ الفاضل من الأمور التي فيها خلاف بين المؤرّخين فهي من الأمور الدقيقة . حيث قدر بعضهم متوسط العمر بـ ( 30 ) وبعضهم قدره بـ ( 33 ) وبعضهم قدره بـ ( 48 ) وبعضهم قدره بغير ذلك ومع كل هذا يجب أن نضع في الحسبان أن بداية قيام ..

    الدولة اللحيانية مختلف فيه اختلافاً كثيراً فما قلناه في كتابنا ” لحيان عَبْر التاريخ ” قول من هذه الأقوال . كما أن نهايتها كان محل خلاف أيضاً .

  10. المؤرِّخون الذين أخذوا بعدم جواز رفع النسب فوق عدنان أعتمدوا على الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ” أنه إذا انتسب فبلغ عدنان يمسك ويقول : كذب النسابون فلا يتجاوزه ” فنقول : لقد ذهب جمعٌ من العلماء إلى جواز رفع النسب فوق عدنان مضعفين هذا الحديث منهم ابن إسحاق وابن جرير وعليه البخاري وغيره، بل ذهب الإمام المحدث الشيخ الألباني إلى أبعد من ذلك فقال إن هذا الحديث من الأحاديث الموضوعة التي لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، مج/1 ، رقم الحديث 111 ، ص 228 ، للشيخ المحدث / محمد بن ناصر الدين الألبانيوقد رفع الإمام الشافعي نسبه إلى آدم عليه السلام حينما قال له الخليفة هارون الرشيد : بيِّن لي عن نفسك ، قال الشافعي: فبيَّنْتُ عن نفسي حتى ألحقت آدم عليه السلام بالطين. انظر كتاب ” رحمة للعالمين ” ج/2 ، ط2 ، ص 11 ، محمد سليمان المنصور فوري .
  11. لا يوجد قبيلة في الأمم البائدة ولا في الأمم الغابرة تُسمى لحيان إلاَّ قبيلة لحيان هذيل، ومن يرى خلاف ذلك فعليه الدليل ، أمّا نحن فقد ذكرنا أدلتنا. هذا رد الاستاذ عمير اللحياني، وانا ابن السلالة G وضعة النقاط على الحروف واكدت هذا البحث علميا بالحمض وتواجد ابناء هذيل.
  12. الإخوة الكرام : هناك إجماع أو شبه إجماع من كثير من المؤرخين الذين يرون أن لحيان العلا أصحاب الدولة هم من لحيان هذيل وموثقة أقوالهم باسم المصدر ورقم الصفحة، فلماذا نتشبث بأقوال فردية شاذة ونترك ما عليه الإجماع أو شبه الإجماع، هل هذا منطق سليم ؟
  13. الإخوة الكرام : على رسلكم لا تعجلوا في الحكم ولا تغضبوا من الحق فالحق أحق أن يتبع . التاريخ أيها الإخوة تتعدد فيه الآراء وتتعدد فيه وجهات النظر ولكن وجهة النظر التي نجد لها ما يسندها من أدلة تاريخية وشــواهد أثرية فهي التي يؤخذ بها عادةً فالتاريخ أمانة.

    كما إن لأهل العلم طرق مختلفة في حساب وتقدير معدّل الأعمار فمنهم من قدّر معدل العمر بـ 30 سنة ومنهم من قدّره بـ 33 سنه ومنهم من قدّره بـ 85 سنة وقد اخترنا ورجّحنا قول من قال أن معدل العمر 85 ســنه لأن أعمار الأمم السابقة أطول أمداً من أعمار الأمة المحمدية.إقرأوا أدلتنا حفظكم الله ثم أحكموا بعد ذلك نحن لم نأت بشيءٍ من عند أنفسنا بل نقلنا ما قاله المؤرخون وذكرنا المصدر ورقم الصفحة، فنقول ومن الله العون : بما أنَّ أَصَحَّ نسب هو نسب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبما أن قبيلة لحيان تجتمع مع النبي في الجد السادس عشر وهو (مدركة).

    وبما أن النبي ولد عام 571 م وبما أن معدل كل جيل 85 ســنة كما قدّره بعض أهل العلم وذكره صاحب كتاب ( رحمة للعالمين ، ج/2 ، ص 55 ) ؛ لأن أعمار الأمم السابقة أطول أمداً .

    وبما أن من عدنان إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 21 جيلاً فأننا إذا حسبنا المدة الزمنية بين كل أبٍ وأبيه على أساس هذا المعدل سيتضح لنا الآتي : ولد سيّدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم عام 571 م فيكون أبوه :

 

  1. عبد الله وُلد عام 486 م .
  2. عبد المطلب وُلد عام 401 م.
  3. هاشم وُلد عام 316 م.
  4. عبد مناف وُلد عام 231 م.
  5. قصي ولد عام 146م.
  6. كلاب وُلد عام 61 م.
  7. مُرّة وُلد عام 24 ق . م فيكون عيسى u من جيل ” مُرَّه “,
  8. كعب وُلد عام 109 ق . م .
  9. لُؤي وُلد عام 194 ق . م .
  10. غالب وُلد عام 279 ق . م.
  11. فهر وُلد عام 364 ق . م.
  12. مالك وُلد عام 449 ق . م .
  13. النضر وُلد عام 534 ق . م .
  14. كنانة وُلد عام 619 ق . م فيكون لحيان من أجيال كنانة .
  15. خزيمة وُلد عام 704 ق . م ” هذيل ” من أجيال خزيمة .
  16. مدركة وُلد عام 789 ق . م
  17. إلياس وُلد عام 874 ق . م .
  18. مُضر وُلد عام 959 ق . م .
  19. نزار وُلد عام 1044 ق . م .
  20. معد وُلد عام 1129 ق ..
  21. عدنان وُلد عام 1214 ق . م.

ومن هذا يتضح أن عيسى عليه السلام من الجيل السابع جيل ( مرة بن كعب ) المولود سنة 24 ق . م . وهذا منطقي ومعقول ومتفق مع حديث النبي الذي يقول فيه ” بيني وبين عيسى 600 سنة ؛ لأننا لو ضربنا ( 7 أجيال × 85 معدل العُمْر لكان الناتج 595 أي 600 سنة تقريباً ) ،إذْ لا يمكن أن يكون عيسى معاصراً لمعدٍ جد النبي العشرين أو من جيله كما يقول من أختار المعدل 30 سنة ؛ لأن معداً كان معاصراً للنبي ارمياه عليه السلام وارمياه عاش قبل ميلاد عيسى بـ 588 سنة.

ويتضح لنا أيضا أن لحيان بن هذيل بن مدركة من أجيال كنانة بن خزيمة بن مدركة المولود سنة 619 ق . م . فيكون لحيان مولوداً تقديراً سنة 619 ق . م . وهذا يتفق مع قيام مملكة لحيان في ديدان العلا تمام الاتفاق.

ومن هذا يتضح لنا أيضاً أن المدة الزمنية بين مولد لحيان سنة 619 ق.م وقيام الدولة سنة 160 ق.م على رأي كاسكل مدة طويلة تقدّر بـ 459 سنة أي أكثر من أربعه قرون ونصف وأعتقد أن هذه المدة كافيه لإيجاد نسل وعدد يســتطيع أن يقيم دولة ذات قوة ومنعة والله أعلم.

وأدلة تاريخية وشواهد أثرية موجودة في قرية عين شمس

ويسند ما ذكرناه أعلاه من تسلسل زمني وأدلة تاريخية وشواهد أثرية موجودة في قرية عين شمس من ديار لحيان اليوم ذكرها المؤرخون والأثريون في مؤلفاتهم منذ القدم وهذه الأدلة هي:

  1. يقول صاحب كتاب ” معجم قبائل الحجاز ” : لقد قامت للحيان هذيل دولة بشمال الحجاز ، كانت تسمى دولة لحيان وعاصمتها ” الخربية ” والتي دخلت في مدينة العلا حالياً ، وكانت لهم قوة ومنعة .
  2. يقول صاحب كتاب ” معجم قبائل العرب القديمة والحديثة ” إن لحيان هذيل قامت لها دولة في شمال الحجاز قبل الإسلام .
  3. يقول صاحب كتاب ” الأعلام ” أن لحيان بن هذيل بن مدركة أظهرت الآثار أنه كانت لِبَنِيهِ إمارة في شمال الجزيرة العربية قبل الميلاد أو بعده .
  4. يقول صاحب كتاب ” موســوعة الغزوات الكبرى ” كانت قبيلة بني لحيان لها صــولة ودولة قبل الإسلام.
  5. يقول الأستاذ/ أحمد عبد الله أحمد علي عبد الكريم صاحب كتاب ” هذه هي العلا بين الماضي والحاضر “: وبانتهاء دولة لحيان فإن اللحيانيين لم ينقرضوا ، بل تذكر الكتب العربية وجودهم حول مكة ، وهم لا يزالون حولها إلى اليوم . وبعد البحث والتحقق لم نجد حول مكة قبيلة لحيانية غير قبيلة لحيان مكة، الذين هم في الأصل لحيان هذيل؛ لأنه لا يوجد حول مكة لحيان غيرهم.
  6. وجود النقوش اللحيـــانية في ديار قبيـلة بني لحيان اليوم من أهم الشواهد التي تُرجّح العلاقة بين لحيان الدولة ولحيان القبيلة الهذلية، وهذا ما يأخذ به المختصون في علم الآثار . يقـول د/ عبـد الرحمن الأنصـاري وهو من أصحاب الاختصاص: من خلال جولة سريعة في جبل الدويدة بالقرب من قرية عين شمس ” من ديار لحيان ” حالياً عثرنا على عدد من النقوش العربية القديمة، تتفق في أشكالها وحروفها وطريقة كتابتها واللهجة التي كُتبت بها مع النقوش اللحيانية التي وُجِدت في منطقة العلا . أمّا اللهجة فيتضح اتفاقها من خلال أحد النقوش الذي استخدم فيه حرف الهاء للتعريف.

    وهي الصيغة المستخدمة في النقوش اللحيانية في العلا . فوجود هذه النقوش في المناطق التي تسكنها لحيان مكة اليوم دليل على وجود لحياني قديم في تلك المنطقة) . أليست هذه قرينة واضحة.

  7. يقول الدكتور / عبد الرحمن الأنصاري أيضاً : إن الاتفاق بين لحيان الشمال ولحيان مكة ليس اتفاقاً في الاسم فقط ، ولكن هناك بعض الدلائل العلمية التي يمكن أن نهتدي بها توحي بوجود علاقة وطيدة بينهما تتمثّل في ديانتهم قبل الإسلام وفي نسبهم حســـب ما ورد في المصادروتتمثل أيضاً في بعض أســــماء أعلامهم قديماً وحديثاً.
  8. من أكثر الأشــياء المتعارف عليها بين القبائل وَسْــم الدواب ومن المعلوم أن وَسْــم قبيلة لحيان هو ( 181 ) وقد وُجد هذا الوسم منقوشاً في شمال المملكة العربية السعودية ، ووُجد منقوشـاً على إحدى الصخور في قرية عين شـمس من ديار بني لحيان اليوم.
  9. هناك دلالات وإشارات تشير إلى هجرة بني لحيان إلى أطراف بلاد العرب، استنتجناها من أقوال المؤرخين الذين أرخوا لتلك الهجرات وهي ضمن قولهم: فلما تكاثر أبناء عدنان وضاقت بهم سبل العيش في مكة تفرقوا في أنحاء شتى من بلاد العرب متتبعين مواقع القطر ومنابت العشب إلى أن قالوا ولم يبقى منهم بمكة وضواحيها إلا بطون كنانة وبطون قريش

    فهل هناك دلالةٌ أوضح من هذه فلحيان ليست من بطون كنانة وليست من بطون قريش ، فهي ليست من القبائل المستثناة من الهجرة كما نرى ، وهذا فيه دلالة واضحة على هجرتهم ضمن القبائل المهاجرة ، ويبدو أن هجرتهم كانت لوحدهم دون سـائر بطون هذيل الأخرى فلا مانع من ذلك . وقد كانت وجهتهم إلى العلا

    ويؤيد هذا قول ” كاسكل سكن اللحيانيون على الساحل بالقرب من ” ديدان ” ولا شك أنه يقصد لحيان هذيل لأنه لا يوجد لحيان غيرهم في الأصل سكنوا العلا في ذلك الوقت وأقاموا بها دولة.

    فإذا لم يقتنع المشككون بأدلتنا هذه العشرة الواضحة والصريحة والشواهد الأثرية من النقوش الموجودة في ديار لحيان اليوم  والتي ذكرها المؤرخون في مؤلفاتهم منذ القدم  وأوضحناها أعلاه فبماذا يقتنعون إذاً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

لمحة عن مراحل تطور نشوء قبيلة هذيل و تطورها