تجربتي مع حفظ القرآن الكريم كانت رحلة مليئة بالتحديات والتحولات، لكنها كانت أيضًا مفتاحًا لحياة مليئة بالسلام والسعادة، على عكس ما كنت أتصوره من قبل. سأشارككم هنا تفاصيل ما حدث معي وكيف غير حفظ القرآن حياتي للأفضل.
درست في مدرسة تحفيظ القرآن في المرحلة الابتدائية، رغم أن والديّ كانا مترددين في البداية بسبب بعض الأفكار السلبية التي انتشرت عن تلك البيئة. لكن والدتي كانت مُصممة على تسجيلي، وبالفعل بدأت الدراسة. في ذلك الوقت، لم أكن أفهم ما الهدف من حفظ القرآن، ولم يكن لديّ وعي كامل بما أحمله بين يدي.
أكملت دراستي في متوسطة تحفيظ القرآن، وكان من المفترض أن أكون قد حفظت القرآن كاملاً بحلول نهاية المرحلة، ولكن الواقع كان مختلفًا. كنت أجد صعوبة كبيرة في المراجعة وتثبيت الآيات، وخرجت من المتوسطة بالكاد أحفظ سورة البقرة، دون أن أتمكن من حفظ البقية بشكل جيد.
عندما بدأت الثانوية، تعرفت على صديق رائع اسمه عبدالرحمن، الذي كان يساعدني بشكل يومي في مراجعة القرآن. بفضل دعمه، تمكنت من تحقيق تقدم ملحوظ، ولكن مع بداية السنة الثانية من الثانوية، توفي عبدالرحمن، وكانت تلك اللحظة من أصعب اللحظات في حياتي. شعرت باليأس والحيرة، لكني قررت الاستمرار في حفظ القرآن والاعتماد على نفسي.
مع دخولي الجامعة، انشغلت بالدراسة وسعيت لتحقيق حلمي بدراسة الطب. رغم النجاح الأكاديمي، شعرت بأن حياتي بدأت تتدهور. بدأت أعاني من شتات في كل جوانب حياتي: دراسيًا، دينيًا، ماديًا، وحتى في العلاقات. كان كل شيء يبدو ضدي، واستمرت هذه الحالة حتى نهاية السنة الثالثة في الجامعة.
في صيف السنة الثالثة، اقترحت عليّ والدتي أن أسجل في دورة لتحفيظ القرآن، لكني لم أُعِر الأمر اهتمامًا في البداية. عندما جاء شهر رمضان، شعرت بأن الوقت قد حان لتغيير حياتي، وبدأت أراجع القرآن بنفسي. بدأت أركز على الحفظ، وتفسير الآيات، ومعرفة أسباب النزول. ومع الوقت، شعرت بأن القرآن بدأ يفتح لي أبواب الفهم.
بعد فترة من التكرار والحفظ، لاحظت أن حياتي بدأت تتغير جذريًا. أصبحت أكثر تركيزًا واستمتاعًا بالحياة. كنت أرسل الآيات التي تأثرت بها إلى أصدقائي وأقاربي، وبدأت أشعر بأنني أعيش القرآن بكل تفاصيله. عندما كنت أواجه تحديات، كنت أجد في القرآن الآيات التي تهدئ من قلقي وتعيد لي الطمأنينة.
حفظ القرآن غير حياتي تمامًا. أصبح القرآن مصدر القوة والإلهام في كل جوانب حياتي. كنت أعيش حياتي بدون فهم كامل لرسالته، لكن بعد أن تذوقت حلاوة الحفظ والتدبر، أدركت أن القرآن هو سر السعادة والنجاح في الحياة. اليوم، أنصح كل شخص بأن يجعل للقرآن مكانة خاصة في يومه، ولو بقراءة صفحة واحدة يوميًا، لأنه بالتأكيد سيشعر بالفرق كما شعرت به أنا.