جرت غزوة مؤتة في بلدة مؤتة بالاردن بين المسلمين من جهة و الروم والغساسنة من جهة اخرى وهنا نتعرف معاً على باقي التفاصيل
محتوى الموضوع
غزوة مؤتة أو سرية مؤتة جرت الغزوة في جمادى الأول عام ٨هـ بسبب قتل الصحابي الحارث بن عمير الأزدي رسول النبي محمد إلى ملك بصرى
على يد شرحبيل بن عمرو بن جبلة الغساني والي البلقاء الواقع تحت الحماية الرومانية؛إذ أوثقه رباطاً وقدمه فضرب عنقه
بعث النبي محمد ﷺ الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظيم بصرى فعرض له شرحْبيل بن عمرو الغساني ـ وكان عاملاً على البلقاء من أرض الشام من قبل قيصر ـ فأوثقه رباطاً ثم قدمه فضرب عنقه.
وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب
فاشتد ذلك على النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين نقلت إليه الأخبار فجهز إليهم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع مثله قبل ذلك إلا في غزوة الخندق.
أمر الرسول ﷺ على هذا البعث زيد بن حارثة وقال(إن قُتل زيد فجعفر وإن قُتل جعفر فعبد الله بن رواحة) وعقد لهم لواء أبيضاً ودفعه إلى زيد بن حارثة
وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام فإن أجابوا وإلا استعانوا بالله عليهم وقاتلوهم
وقال لهم(اغزوا بسم الله في سبيل الله مَنْ كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة ولا تهدموا بناء)
وقد خرجت نساء المسلمين لتوديع أزواجهن وهن يقولون ((ردكم الله إلينا صابرين))
عند مدينة مؤتة توقف المسلمون، وكان عددهم ثلاثةآلاف وعدد الغسانين والروم مئتا ألف. اختار المسلمون بقيادةزيد بن حارثةالهجوم على المشركين
وتم الهجوم بعد صلاةالفجر وكان اليوم الأول هجوماًً قويا في صالح المسلمين لأن الروم والغساسنةلم يتوقعوا من جيش صغيرالبدء بالهجوم
وفي اليوم الثاني بادرالمسلمون أيضاً بالهجوم وكان من صالح المسلمين وقتل كثير من الروم وحلفائهم أمافي اليوم الثالث فقدبادر الروم بالهجوم
وكان أصعب وأقوى الأيام وفيه استشهد زيد بن حارثةوجعفر بن أبي طالب و عبد الله بن رواحه واختار المسلمون خالدا بن الوليد قائدا لهم
ولما تهيئ الجيش الإسلامي للخروج حضر الناس، وودعوا أمراء الرسول ﷺ وسلموا عليهم وحينئذ بكى أحد أمراء الجيش ـ عبد الله بن رواحة ـ فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنياولا صبابة بكم ولكني سمعت رسول الله
يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (سورة مريم) فلست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود؟
فقال المسلمون:صحبكم الله بالسلامة،ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين غانمين
فقال عبد الله بن رواحة
لكننـي أسـأل الرحمن مغفــرةوضربـة ذات فرع تقذف الزبـدا أو طعنـة بيـدي حـران مجـهزة بحربة تنفذ الأحشـاء والكبـداحتى يقـال إذا مروا على جدثيأرشـده الله مـن غـاز وقد رشـدا
تحرك الجيش الإسلامي في اتجاه الشمال حتى نزل مَعَان من أرض الشام مما يلي الحجاز الشمالي وحينئذ نقلت إليهم الاستخبارات بأن هرقل نازل بمآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم،
وانضم إليهم من لَخْم وجُذَام وبَلْقَيْن وبَهْرَاء وبَلِي مائة ألف
لم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم ـ الذي بوغتوا به في هذه الأرض البعيدة ـ وهل يهجم جيش صغير قوامه ثلاثة آلاف مقاتل فحسب على جيش كبير عرمرم مثل البحر الخضم قوامه مائتا ألف مقاتل؟
حار المسلمون وأقاموا في مَعَان ليلتين يفكرون في أمرهم
وينظرون ويتشاورون ثم قالوا: نكتب إلى رسول الله فنخبره بعدد عدونا فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له.
ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي وشجع الناس، قائلاً: يا قوم والله إن التي تكرهون لَلَّتِي خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما النصر وإما شهادة.
وأخيراً استقر الرأي على ما دعا إليه عبد الله بن رواحة.
وحينئذ بعد أن قضى الجيش الإسلامي ليلتين في معان تحركوا إلى أرض العدو حتى لقيتهم جموع هرقل
بقرية من قرى البلقاء يقال لها “َشَارِف” ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى مؤتة فعسكروا هناك وتعبأوا للقتال فجعلوا على ميمنتهم قُطْبَة بن قتادة العُذْرِي وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصاري.
وهناك في مؤتة التقى الفريقان وبدأ القتال المرير ثلاثة آلاف رجل يواجهون هجمات مائتي ألف مقاتل. أخذ الراية زيد بن حارثة وجعل يقاتل بضراوة بالغة فلم يزل يقاتل حتى شاط في رماح القوم وخر صريعاً.
روى البخاري عن نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره يعني ظهره
ولما قتل جعفر بعد أن قاتل بمثل هذه الضراوة والبسالة
أقسمت يا نفس لتنزلنهإن أجلب الناس وشدوا الرنةكارهة أو لتطاوعنهمالي أراك تكرهين الجنة
ثم نزل فأتاه ابن عم له بعَرْق من لحم
واختلفت الروايات كثيراً فيما آل إليه أمر هذه المعركة أخيراً.
فلما أصبح اليوم الثاني اعتمد خالد بن الوليد في خطته على الحرب النفسية حيث أمر عددا من الفرسان بإثارة الغبار خلف الجيش و أن تعلو أصواتهم بالتكبير والتهليل
استشهد يومئذ من المسلمين اثنا عشر رجلاً، أما الرومان فقتل منهم ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون رجل.
قال ابن إسحاق:وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن بعض آل الحارث بن هشام
وكانت هذه المعركة بداية اللقاء الدامي مع الرومان فكانت توطئة وتمهيداً لفتوح البلدان الرومانية وفتح المسلمين الأراضي البعيدة النائية.