فقيه و قارئ قرآن ومن اقرب الصحابة الى الرسول نتعرف الان على اهم صفات معاذ بن جبل الذي اسلم بسن ال18 و مواقفه في الحياة
محتوى الموضوع
فأجابه قائلاً: ” بكتاب الله”
قال الرسول: ” فإن لم تجد في كتاب الله”..؟
قال: “أقضي بسنة رسوله”
قال الرسول: “فإن لم تجد في سنة رسوله”؟
قال معاذ:” أجتهد رأيي, ولا آلوا”
فتهلل وجه الرسول وقال: “الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله”.
وهذا عائذ بن عبدالله يحدثنا أنه دخل المسجد يوماً مع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خلافة عمر
قال:” فجلست مجلساً فيه بضع وثلاثون, كلهم يذكرون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم,
وفي الحلقة شاب شديد الأدمة, حلو المنطق, وضيء, وهو أشبّ القوم سناً, فإذا اشتبه عليهم من الحديث شيء ردّوه إليه فأفتاهم, ولا يحدثهم إلا حين يسألونه,
و لما قضي مجلسهم دنوت منه وسألته: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا معاذ بن جبل”.
وهذا أبو مسلم الخولاني يقول:”دخلت مسجد حمص فإذا جماعة من الكهول يتوسطهم شاب برّاق الثنايا, صامت لا يتكلم،
فإذا امترى القوم في شيء توجهوا إليه يسألونه؛ فقلت لجليس لي: من هذا؟ قال: معاذ بن جبل؛ فوقع في
نفسي حبه”.
يقول:”كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل, نظروا إليه هيبة له”
يستشيره كثيراً وكان يقول في بعض المواطن التي يستعين بها برأي معاذ وفقهه: “لولا معاذ بن جبل لهلك عمر”.
ولقد بلغ كل هذه المنزلة في علمه, وفي إجلال المسلمين له, أيام الرسول وبعد مماته, وهو شاب فلقد مات معاذ في خلافة عمر ولم يجاوز من العمر ثلاثة وثلاثين سنة!!
وكان معاذ سمح اليد, والنفس, والخلق.. فلا يسأل عن شيء إلا أعطاه جزلان مغتبطاً، ولقد ذهب جوده وسخاؤه بكل ماله.
ومات الرسول صلى الله عليه وسلم, ومعاذ باليمن منذ وجهه النبي إليها يعلم المسلمين ويفقههم في الدين
وفي خلافة أبي بكر رجع معاذ من اليمن, وكان عمر قد علم أن معاذاً أثرى فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله!
ولم ينتظر عمر, بل نهض مسرعاً إلى دار معاذ وألقى عليه مقالته
وكان معاذ
ظاهر الكف, طاهر الذمة, ولئن كان قد أثري, فانه لم يكتسب إثماً, ولم يقترف شبهة, ومن ثم فقد رفض عرض عمر, وناقشه رأيه وتركه عمر
وانصرف وفي الغداة, كان معاذ يطوي الأرض حثيثاً شطر دار عمر، ولا يكاد يلقاه، حتى يعانقه ودموعه تسبق كلماته وتقول:”لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حومة ماء
أخشى على نفسي الغرق حتى جئت وخلصتني يا عمر”
وذهبا معاً إلى أبي بكر وطلب إليه معاذ أن يشاطره ماله, فقال أبو بكر:” لا آخذ منك شيئاً”..
فنظر عمر إلى معاذ وقال:”الآن حلّ وطاب”.
ويهاجر معاذ إلى الشام, حيث يعيش بين أهلها والوافدين عليها معلماً وفقيهاً, فإذا مات أميرها أبو عبيدة الذي
كان الصديق الحميم لمعاذ, استخلفه أمير المؤمنين عمر على الشام, ولا يمضي عليه في الإمارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه مخبتاً منيباً
لقلت: سمعت نبيك يقول: إن العلماء إذا حضروا ربهم عز وجل , كان معاذ
بين أيديهم”
والاستخلاف الذي يعنيه عمر هنا, هو الاستخلاف على المسلمين جميعاً, لا على بلد أو ولاية فلقد سئل عمر قبل موته: لو عهدت إلينا؟ أي اختر خليفتك بنفسك وبايعناك عليه.
فأجاب قائلاً:”لو كان معاذ بن جبل حياً, ووليته ثم قدمت على ربي عز وجل, فسألني: من ولّيت على أمة محمد, لقلت
ولّيت عليهم معاذ بن جبل, بعد أن سمعت النبي يقول: معاذ بن جبل إمام العلماء يوم القيامة”.
ولقيه الرسول ذات صباح فسأله:”كيف أصبحت يامعاذ؟ ”
قال:”أصبحت مؤمنا حقا يا رسول الله”.
قال النبي:”إن لكل حق حقيقة, فما حقيقة إيمانك”؟؟
قال معاذ:”ما أصبحت قط, إلا ظننت أني لا أمسي. ولا أمسيت مساء إلا ظننت أني لا أصبح ولا خطوت خطوة إلا ظننت أني لا أتبعها غيرها
وكأني أنظر إلى كل امة جاثية تدعى إلى كتابها وكأني أرى أهل الجنة في الجنة ينعمون وأهل النار في النار يعذبون
فقال له الرسول:”عرفت فالزم”.
الصحيح النافع ويقول: “احذروا زيغ الحكيم واعرفوا الحق بالحق, فإن للحق نوراً!!
قال معاذ: وهل أنت مطيعي إذا علمتك..؟
قال الرجل: إني على طاعتك لحريص
فقال له معاذ:”صم وافطر وصلّ ونم واكتسب ولا تأثم ولا
تموتنّ إلا مسلماً وإياك ودعوة المظلوم”
هذا الذي كان كما قال للرسول: لا يخطو خطوة, ويظن أنه سيتبعها بأخرى، وذلك من فرط استغراقه في ذكره ربه, واستغراقه في محاسبته نفسه.
ولما حان أجله، كان يحدق في السماء ويقول مناجياً ربه الرحيم:
“اللهم إني كنت أخافك, لكنني اليوم أرجوك, اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحبّ الدنيا لجري الأنهار, ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات, ونيل المزيد من العلم والإيمان والطاعة”..
وبسط يمينه كأنه يصافح الموت,
وراح في غيبوبته يقول:”مرحباً بالموت.. حبيب جاء على فاقه”