مارتن هيدجر Martin Heidegge الفيلسوف الشهير كان مهووسًا ب مفهوم الملل قام بتحليله وتنظيره والحديث عنه حتى الملل.
محتوى الموضوع
عجيب ان كلمة ملل «boredom» لم يعرفها الانجليز ولم تدخل بقاموس اللغة الإنجليزية إلا عام 1852 وظهور طبقات اجتماعية غنية لا تعمل، وهنا يربط المؤرخون الملل بالثورة الصناعية وقبلها لم يكن للناس ملل حقيقي
دراسة ، جمعت مجموعة من الناس وحطت كل واحد بغرفه لحاله لقياس قدرة تحملهم للملل، وحطت أمام كل واحد زر أحمر أخبرتهم مسبقا أن ضغط الزر راح يصعقهم كهربائيا، العجيب أن 67٪ من الرجال كبسوا الزر بعد عدة دقائق مفضلين أن يصعقوا كهربائيا على عدم فعل أي شيء، يعني فضلوا الألم على الملل
وهنا تحضرنا المقولة الشهيرة لشوبنهاور” الحياة كالبندول تتأرجح بين الملل والألم”
وكان يقول لو ان الحياة ذات قيمة في ذاتها لما شعر الانسان الملل ،واغلب سعادة الانسان هي من النوع السلبي ناتجة عن دفع الألم مؤقتا
برتراند راسل كان يرى ان احد موجبات السعادة هو القدرة على تحمل القليل من الملل وتعليم الاطفال هذه المهارة
حياة الاثارة المستمرة ترفع لدى الطفل من مستوى توقعات الاستثارة في الحياة، وتجعل احاسيسه متبلدة مع الوقت للاستثارات، فما يسعد ويدهش غيره يصبح غير ذات معنى لديه وهذا يجعله لا يتحمل الملل المؤقت ، وتزيد من احتمالية اقباله على سلوكيات مدمرة لرفع ألم الملل
ولنعترف ان كل انجازات الحياة يربطها جسر ياخذها لضفة النجاح وهذا الجسر عبارة عن اعمال متواصلة قوامها الملل فالنجاح بالاختبار يتطلب المذاكرة والمذاكرة فعل ممل ،والرياضي الناجح قاسى ملل روتين النادي وبؤس هبة الكيتو دايت
والرجل صاحب الهدف العظيم لابد ان يتحمل طواعية جرعات الملل اذا وجد ذلك ضروريا
اليوم نحن نعيش عصر الاستثارات المتواصلة، وكلما زاد وقت الاستثارات كلما قلت لياقتنا لتحمل الملل علماء النفس المعاصرين يقولون ان الارادة عضلة وعضلة تحمل الملل لدينا اصبحت واهنة وضعيفة
في السابق حينما كان يخرج الاصدقا لتناول وجبة الغداء في مطعم كان اذا شعر احدهم بالملل فجأة ماذا يفعل يصمت ثم تستثار مخيلتهم للحديث عن مواضيع اخرى ، اليوم ماذا يحصل عند اول لسعة من لسعات الملل يخرج الاثنين هواتفهما لتصفح اخبار غير مهمة
ثقافة هذا العصر هو الاستثارة المتواصلة المستمرة من الطفل اللي ما تطيح لعبة البب جي من ايده، الى الكبار اللي وصل مرحلة يشاهد التلفاز بعين وشاشة هاتفه الذكي بعين اخرى من التشتت الاستثاري حياة تشتت وانغماس بالمتع السريعة
فعادة ينقل الناس لحظات الاثارة هنا ونادر ان يشاركونا اللحظات المملة والتي لا تجلب الانتباه هذه الفلسفة المسيطرة على هذا العصر جعلتنا نعتقد ان حياة الاخرين هي استثارة مستدامة
كان الناس متكيفين لحالات الملل ولهذا الايقاع وان الحياة لا يجب ان تكون صاخبة ومثيرة باستمرار والهدوء شي طبيعي كالمد والجزر وكتناوب الفصول الاربعة
وحتى الكتب والروايات العظيمة لا تخل من اجزاء ممل ، وحتى اعظم الرجال في التاريخ لم تكن حياتهم مثيرة للانتباه في معظمها عدا مقتطفات قليلة صنعت تاريخهم.
